عاجل
صندوق الاستثمارات السعودية العامة يستحوذ على أكبر شركة رائدة إقليمياً في مجال البنية التحتية بقطاع الاتصالات         مطارات المملكة تُسجل 12.50 مليون مسافر دولي ومحلي خلال شهر رمضان وعطلة عيد الفطر         بسبب انتهاك حقوق الإنسان، واشنطن تدرس فرض عقوبات على وحدات جديدة في جيش الاحتلال         ترقب لحكم قضائي يحسم مصير انتخابات نادي الزمالك         الكهرباء: 42% زيادة في مشاركة مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030         نظرية علمية تزعم: الكائنات الفضائية تتنقل عبر النيازك         زيكو: صلاح من أفضل لاعبي العالم حاليًا.. وأنصحه بالبقاء مع ليفربول         سعر الدولار اليوم الإثنين في البنوك والسوق السوداء 22 – 4 – 2024         هيئة التراث السعودي تعلن اكتشاف دلائل على استيطان بشري منذ العصر الحجري الحديث في أحد كهوف المدينة المنورة         نيابةً عن سمو وزير الخارجية.. نائب وزير الخارجية يشارك في مؤتمر باريس حول السودان         الفيلم السعودي “نورة” ضمن البرنامج الرسمي لمهرجان كان السينمائي 2024         سمو وزير الخارجية يبحث مع نظيريه الأمريكي والإيراني تطورات الأوضاع في المنطقة وجهود احتواءها         ضبط رجل أعمال قطري هارب من 142 سنة سجنًا بالشيخ زايد         التحقيق في إطلاق النيران بين بلطجية بزعامة موظف بحي الهرم         كم يوم باقي على عيد الفطر 2024.. الإفتاء تستطلع هلاله الاثنين وهذه مواعيد صلاته        

نظرة بديلة للحروب القــادمة.. بقلم: أكلي شكا

أكـــــــــلي شــــــــــــكا

الـــطـــوارق الجدار العازل بين شمال القارة وجنوبها الذي بدأ يتهاوى أمام إرهاصات الحرب بين الرجل الأسود والابيض على جانبي البحر الابيض المتوسط.

إذا كان كل كتاب الحرب قد صنفوا الحروب إلى حروب تقليدية تديرها الجيوش النظامية (الجيل الأول) وحروب إلكترونية ومعلوماتية أو (الحرب السيبرانية) (الجيل الثاني) وحروب غير متكافئة (البشر والروبوتات، والفضاء الالكتروني (الجيل الثالث) الخ.

 وإذا كان صموئيل هنتغتون قد ذهب في كتابه المثير للجدل “صدام الحضارات” إلى أن الحروب القادمة لن تكون بين دول ودول (حروب قومية) ولكن بين الثقافات والمعتقدات الدينية المختلفة، فإننا يقينا يمكن لنا ان نضيف إلى هذه الأراء جميعا نظرة جديدة وهي أن الحروب القادمة ستكون حتما بين “الرجل الأبيض والأسود” وسيكون القسط الأكبر من هذه الحروب الحزام الساحلي الصحراوي (الصحراء الكبرى) التي ستكون بلا منازع مسرحا لأحداث الحرب القادمة بين الرجل الأبيض والاسود.

بينما تتجه عيون العالم ووسائل إعلامه المختلفة صوب الحرب الأوكرانية واحتمالات الحرب النووية بين التكتل الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية والتكتل الشرقي بقيادة روسيا والصين وإيران وانشغال الجزء الاخر من العالم بخطر التغيرات المناخية، فان هناك حرب عرقية شاملة يحضر لها على نار هادئة بعيدا عن الأنظار وعن النقاشات الجادة والمعتادة.

ففي توقع لزمن غير بعيد تشير القرائن إلى أنه سيكتوي فيه سكان جانبي البحر الأبيض المتوسط بنار حروب عرقية مدمرة تأتي على اليابس والاخضر. إن الشواهد الملموسة على الأرض وقراءات المستقبل، تقودنا جميعا إلى أن دولا مثل ليبيا والجزائر وتونس وموريتانيا وهي دول كانت تنعم حدودها الجنوبية منذ قرون بسلام وحماية مجانية بفضل تمركز القوة بأيدي أسياد الصحراء (الطوارق) ولكن مع تزايد تراجع هذه القوة في العقود الاخيرة، سوف تشهد هذه الدول مستقبلا ثورات وحروبا عرقية تقودها قبائل الزنوج القادمة من جنوب الصحراء، في اجتياح كاسح وشامل للمدن والشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.

 وستطال نيران هذه الحروب المؤكدة الشواطئ الشمالية للمتوسط بعد قرون من المحاولات ومن الحروب الأهلية الدامية التي اتخذت عبر العقود الأخيرة أوجها كثيرة في مواجهة مصيرية مع حراس الحدود الجنوبية التقليدين (الطوارق). 

والجدير بالذكر هنا، هو أن دول الشمال الأفريقي على الشواطئ الجنوبية للمتوسط (ليبيا والجزائر تحديدا) تهيمن عليها منذ تأسيسها أيدولوجيات وأنظمة عنصرية تنتهج سياسية عدوانية أقل ما توصف به أنها سياسية جوفاء وغير مدروسة تجاه أشقاءهم الطوارق الذين شكلوا على مدى القرون الماضية جدارا بشريا عازلا وحاميا عمل دائما على فصل الجزء الشمالي من الصحراء عن جنوبه.

 والغريب حقا، أن هذه الدول وفي مقدمتها الجزائر، عملت على إضعاف وتدمير ما بات نطلق عليه اليوم “الجدار العازل” (الطوارق) مما أدى تدريجيا إلى تمدد الخطر نحو مناطق الشمال. وإذا لم تدرك هذه الدول المسألة وتسرع في تصحيح سياستها العدائية مع إخوانهم في العرق وجيرانهم التاريخيين الطوارق فستجد نفسها وفي وقت غير بعيد على خط المواجهة، بل ستكون ساحة لحروب أهلية مدمرة مع أقوام جنوب الصحراء الذين يعدون أنفسهم لهذه المعركة المصيرية.

 وقد تبدو للبعض هذه القراءة مجرد تكهنات أو حتى ضرب من الخيال خصوصا لمن ليس لديه إطلاع جيد على تاريخ المنطقة وعلى دور الطوارق فيها بدءا بالعصور القديمة ومرورا بنشر الإسلام وتعاليمه السمحة وحمايتهم للشمال من أقوام إفريقيا المختلفة القادمين من جنوب الصحراء.

ولقد عاشت الصحراء قبل الترسيم المشؤوم للحدود في ستينيات القرن الماضي، تحت رحمة وحراسة محكمة من قبل الطوارق. 

 وكان كل من يتحرك فيها ابتداء من قلاع مرزق شرقا ومرورا بواحات الحمادة الحمراء وغداميس شمالا إلى حافة نهر النيجر غربا حيث مدينة (تين بكتو) وجبال آير-ازواغ جنوبا، إما تحت حمايتهم او تحت رحمة سيوفهم الحادة.

 وتخبرنا الروايات والسجلات التاريخية، أن أول مغامرة وتمرد على أسياد الصحراء في العصر الحديث، تلك التي قادها الكومندان الفرنسي المشهور فلاترس في عام 1881 حيث انتهى به مصيره هو وكافة أفراد فرقته المكونة من 400 مقاتل إلى إبادة جماعية على يد فرسان منطقة الهقار (جنوب الجزائر).

 هذه الحادثة تسببت في تأخير تقدم الفرنسيين في دخولهم إلى إفريقيا قرابة 45 عاما إضافية كما أجبرت في نهاية المطاف الرئيس الفرنسي شارل ديجول إلى عرضه على الطوارق استقلال صحراءهم كأول منطقة تنال الاعتراف والاستقلال في إفريقيا، ولكن هذا العرض قوبل برفض تام من قبل الطوارق الذين فضلوا مواصلة القتال بجانب شعوب المنطقة الثائرة ضد فرنسا. 

—————————————————————————————————————————————-

  • أكـــــــــلي شــــــــــــكا: هو خبير امني وباحث في قضايا الشعوب الاصيلة مقيم في لندن وهو صاحب عدد من البحوث والمؤلفات منها كتاب: رجل الصحراء: طريق طويل نحو دولة الطوارق (باللغة الإنجليزية) وكتاب: توماست مصل الحقيقة: مذكرات مناضل من الطوارق (باللغة العربية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى