أحمد عشري ينعي صديق عمره الدكتور محمد العشري: أتمني من الله أن تكون في أول درجات
ست سنوات من المحنة والمرض والابتلاء وأكثر من 10 عمليات جراحية خطيرة ومئات من جلسات العلاج الطبيعي.. فصلاً عن ضياع مستقبل وتوقف حلم الزواج ورجوع من السفر بعد إصابة بنزيف في المخ وشلل جزئي نتيجة لذلك.
ولكن مع ذلك ظل مبتسمًا وصابرًا وعنده أمل في الله .. (الصورة دي كانت في شهر أكتوبر الماضي) في منزل الدكتور محمد العشري وصورها الدكتور أحمد العشري.
كنا بنبارك للدكتور محمد بنجاح وتفوق ابنته الدكتورة حبيبة ومعزومين علي العشاء ..وطلب محمد الله يرحمه يتصور الصورة ونبعتها لصديقنا حسين يحي.
محمد لم يهزمه المرض ولكنه هزمته الظروف الصعبة التي عاني منها شاب في مقتبل العمر داهمه المرض وهو في بداية رحلة السفر للكويت، عاد بعد غيبوبة ظن الجميع أنه لن يستفق منها ولكنه عاد وقد أثرت علي حركة يده وقدمه.
ظل يدخل عملية تلو أخري وجلسة يعقبها جلسات وجد نفسه الدائرة تضيق عليه .. فأصدقائه وزملائه الكثير منهم سافر وتزوج وفتح مشروعات، بينما هو ظل وحيد حجرته يمنحه البعض فضل أوقاتهم بين الحين والآخر.
حاول أن يعمل وهو من لديه لغة انجليزية قوية ومهارات في الحاسب الآلي ولكن نظرة الناس لحالة شبه الشلل به ..كسرة نفسه ورويدًا بدء شغفه للحياة والكفاح ينسحب وبدأت نفسيته في درجات النزول القصوي.
فالحياة مشاغل للمحيطين به وأغلب الأصحاب والأقارب قد هجروه لمشاغلهم.. كنا نلتقي به ككثيرون بين الفينة والأخرى كان يسعد بمثل هذه اللقاءات.
محمد كان يحتاج لثمن مظاهرة الحب التي اشتعلت علي مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاته في حياته لتجعله أفضل ولتتحسن نفسيته ولكن هذه سنة الحياة أن نمدح أحبائنا بعد وفاتهم لا في حياتهم وكأننا نبرئ ذمتنا من تقصيرنا معهم.
محمد بدء ينسحب للموت أقرب منه للحياة حتي تنبأ له الدكتور أحمد العشري والذي كان يلازمه طوال فترة أجازته من السعودية، بأنه لو أستمر علي هذا الوضع فستكون نتائجه كارثية.
وقد كان فدخل في غيبوبة قبل شهرين تم علي أثرها غرفة العمليات بمستشفى الدمرادش وبعد عدة أسابيع استفاق لعدة أيام وعاد لمنزله ولكنها كان الاستفاقة الأخيرة فقد دخل في درجة اللاوعي مرة ثالثة بسبب تلوث في صمام المخ نتيجة عدوي في غرفة العمليات.
قابلته في مستشفى كفر الشيخ العام وتبين إصابته بالتهاب سحائي تطلب نقله لمستشفى الحميات لساعات ثم عاد لمستشفى الدمرادش مرة ثالثة غائبًا عن الوعي ثم عملية رابعة خلال شهرين ولكن الوعي لم يعد والغائب لم يرجع.
ولعلك يا محمد قد ارتحت من دنيا ظالمة وحياة قائمة علي المادية الطاغية العفنة ..لعلك ياصديقي الشاب قد تكون ارتاحت من الآلام والأحزان والخذلان.
وأتمني من الله أن تكون في أول درجات الجنة ..عذرًا يا محمد فقد نزلت لمحطتك الأخيرة وحيدًا في قبر موحش لا أنيس ولا جليس فيه إلا العمل الصالح…الله يرحمك ويسكنك فسيح جناته ويسامح تقصيرنا معك.
