اتجاهات

بداية الحرب والفوضى من النيجر وتقسيم الجزائر.. بقلم: أيمن السيسي

أيمن السيسي

تتسارع الأحداث في منطقة الساحل الإفريقي بصورة أكثر تشابكا وتعقيدا  لأحداث فوضى متعمدة ستمتد من مالي إلى السودان مما ينذر بعواقب كارثية، مؤشراتها الإضافية هو  تجمع عناصر جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” فرع من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، منذ اسبوع عند قرية “بوني”، إلى أن وصلت مساء الثلاثاء 8 أغسطس إلى “مدينة الله تمبكتوـ آليات قوة عسكرية من الجيش المالي بصحبة ميليشا “فاغنر” الروسية “عدد منهم شيشانيون مسلمون يتحدثون العربية”.

وضربت جماعة  “النصرة” حصارا حول المدينة المقدسة ومنعت الدخول إليها  خصوصا سيارات نقل البضائع والأغذية من الجزائر وموريتانيا وهما المصدر الرئيسي لأغلب أنواع السلع فيها (السكر والشاي والزيت والدقيق والأقمشة من موريتانيا، والمكرونة والأرز والبنزين والجاز من الجزائر).

 وأصدر مسئول تمبكتو بجبهة “النصرة” طلحة أبو هند (من صوت البرابيش بتاودني) لعناصره أمرا بالتشدد في حصار المدينة، وإعادة كل الراغبين دخولها، وإطلاق النيران بلا رحمة على من لا يستجيب لتعليماتهم.

 ويبدو أن النصرة ستعاود إستهداف كل المنتسبين إلى الجيش المالي من الأزواديين (عرب وطوارق) وأبناء تنسيقية الحركات الأزوادية، وهو ما يذكرنا بما حدث عام 2012 عندما قاد النقيب –في الجيش المالي – صونوكو إنقلابا عسكريا فأعلن أبناء أزواد الإنفصال عن مالي وطردوا قوات الجيش المالي فقفز تنظيم القاعدة على حلم الإستقلال وطردوا قوات        “أ مانيلا ” من تمبكتو واعلنوها إمارة إسلامية تحت حكم “جماعة أنصار الدين” بقيادة أياد أج غالي، زعيم تنظيم النصرة حاليا – تحالف من عدة تنظيمات للقاعدة في الصحراء الكبرى – حتى طاردهم الفرنسيون وطردوهم.

 ويبدو أن فشل أمريكا في أوكرانيا وانهيار حلمها في استنزاف روسيا وإنهاك أوربا وإرهاب الصين كي تخرج محافظة على زعامتها للعالم فتتفرغ للإتفاق مع الصين في اقتسام العالم أو توجيه ضربة عسكرية لها في بحر الصين الجنوبي بالتعاون مع استراليا وانجلترا وبعض القوى الإقليمية مثل الفلبين وتايوان وكوريا لشل قدرتها لسنوات.

 ولكن ذلك لم يحدث فرأت من روسيا قدرة على الصمود وعقد تحالفات جديدة ونزع مناطق كانت أمريكا تعتبرها مناطق نفوذ أبدية في المنطقة العربية وإفريقيا، فبدأت توزع التوتر على العالم  وتخلق النزاعات، فرأينا الحرب في السودان، وتعيد نشر الإرهاب في إفريقيا التي تتمدد فيها روسيا بثبات حتى وصلت إلى حدود النيجر والتي ستعد سببا رئيسا في الحرب الشاملة أو التسوية الشاملة.

 فبعد تباطئ الإيكواس في تنفيذ ما أعلنت عنه بالتدخل العسكري والذي أجج مشاعر الأفارقة ضدها وضد أوربا عامة وفرنسا خاصة، وإنعدام وجود وسيط دولي ذات ثقة وثقل مثل رئيس موريتانيا الذي تلقى إتصالا من الرئيس الفرنسي “يستجديه” الوساطة فرفض.

 فأوفد ماكرون بمباركة وتوجيه أمريكي رئيس المجلس الإنتقالي التشادي محمد إدريس ديبي الذي يعاني من أزمات في بلاده خصوصا بعد إقالته لثماني جنرالات كبار وأقوياء وترقية 58 ضابطا من الزغاوة التي ينتمي إليها قبل شهرين من بداية أزمة النيجر وانتشار فكرة إنفصال الجنوب التشادي.

ولم يفلح ديبي في الوساطة وولم تفلح فرنسا في التهديد، فعادت أمريكا   تؤكد على لسان بلينكن وزير خارجيتها أن الدبلوماسية هي السبيل المناسب لحل الأزمة” بعد فشل زيارة وكيلة وزارته “فيكتوريا نولاند” للنيجر وعدم السماح لها بلقاء الرئيس بازوم، أو رئيس المجلس العسكري الجنرال تشاني.

ويصعب على أي طرف التدخل عسكريًا في دولة فيها قواعد عسكرية أمريكية دون موافقتها منها، سيما وأنّ النيجر رشحت لتوسيع القاعدة العسكرية الأمريكية بها ونقل قيادة “أفريكوم” الأمريكية بالساحل إليها. 

ولازالت محاولات التهديد أو “الإستعداد” من قبل الإيكواس التي طالبت فى رسالة موجهة للرئيس الموريتاني ولد الشيخ الغزوانى حضور قمتها غدا  الخميس بوصفه رئيس مجموعة الساحل  ورئيس دول مهمة في المنطقة.

 وفي ظني أن الرئيس غزواني – إذا زادت الالحاحات عليه سيوفد مندوبا عنه قد يكون وزير الخارجية أو وزير دفاعه المعروف بأسد إفريقيا الفريق حننا ولد سيدي حننا  لينقل لهم ما أعتقد أنه إتجاه وعقيدة موريتانيا في هذه الأزمة بعدم المشاركة في أي تدخل عسكري في النيجر، إحتراما لتطلعات الشعب وتقديرا لكراهيته للإستعمار الفرنسي.

أما الجزائر التي عارضت التدخل خوفا من إشاعة الفوضى على حدودها الجنوبية ثم تسربها إلى الداخل الجزائري، خصوصا وأنها مرشحة بقوة للتقسيم -بعد إشعال الحراك الثوري الذي لم يكتمل – إلى ثلاث دول حسب مخطط “هيرسان” الفرنسي القديم المتجدد على يد الأمريكان ضمن مشروع التفتيت من خلال إشعال الثورة وإذكاء الصراع الإثني والمذهبي (بالجزائر نسبة فاعلة وقوية من الشيعة).

  وهو ما تعمل الجزائر على تلافيه بابعاد الفوضى بعيدا عنها من خلال عملاءها في التنظيمات الإرهابية مثل بلعور مختار بلمختار وأياد أج غالي زعيم النصرة الذي تكررت زياراته إلى الجزائر خلال الشهور الماضية.

وغالبا ما يلتقي بجنرالات جزائريين  واخرها بعد يومين من إعلان الإنقلاب في النيجر، ولهذا لم يكن اقتراب تنظيم “النصرة” من “تمبكتو” وضرب حصارا حولها إلا بداية لمخطط إشعال الصحراء بالفوضى وأي حدث في هذه الصحراء ليس في صالح استقرار العالم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!